بحر الصمت

بحر الصمت

فرح بعمله في المصنع المجاور في المدينة الملاصقة لقريته .. عينه دائمة النظر لكل ما حولها .. يداه تعملان بهمة ونشاط.. لا أحد يتكلم .. وصلت شابة ممشوقة في أبهي زينتها تمر أمامه .. ينظر إليها .. تبادلا النظرات .. الإشارات.. تزوجا .. عاشا يعملان سويا في الشركة .. لا أحد يسمع لهما صوتاً واضحاً..

عندما ينتهي من عمله يصحبها حتى يصلا إلي المنزل .. يتحدثان حديثاً لا يفهمه سواهما .. نظر إلي السماء .. كما وضعت يدها علي صدرها.. مرت شهور وجاء ابنها البكر.. وبعده أنثى .. قضت الأم والأب رحلة شاقة في تربية ولديها في التعليم .. ظل الأب يقاسي آخر النهار في إصلاح الأدوات الكهربية – غسالات ، مراوح ، ثلاجات ، مواتير منزلية-

زاد دخل الأسرة .. انضم الولدان إلي الكتاب ثم بالمدارس الإعدادية فالثانوية .. بدأ التفاهم يزداد بين الأم وابنتها وبين الأب وابنه .. الخط يتحسن والحظ يبتسم .. كان الأول علي مدرسته و كانت البنت الأولى علي مدرستها .. أكملت تعليمها المتوسط.. تزوجت .. أما أخوها فحصل علي بعثة في الطب حيث تخرج بتفوق وحصل علي الماجستير والدكتوراه .. كرمته الجامعة .. وقف الأبوان أمام الجماهير التى صفقت لهما كثيراً .. توقف البروفسور لاستلام جائزته .. أعطاها والديه .. أشار برأسه إنهما سبب الحياة وسعادتى برحلة العلم في بحار الصمت.