في المصعد

في المصعد

لم يكد يصل إلي مدخل العمارة حتى نظر في ساعته .. الوقت مناسب .. صعد درجات .. توقف أمام المصعد الكهربائي .. جاءت سيدة .. فتحت الباب وهي تغطى وجهها كله بستارة سوداء ، حتى ملابسها سوداء .. فتحت الباب .. توقفت..

- اتفضل يا أستاذ

- آسف

- اتفضل .. الأسانسير لن يطلع ..

تركت الباب مفتوحاً .. تحير في هذا الأمر .. كيف يقف مع من لا يعرفها في مكان منعزل في مدينة عربية يعرف جيداً طباع سكانها؟ .. هل يصعد السلم؟

إنها تسعة أدوار شاقة .. ظل الباب مفتوحاً .. قال في نفسه: أمري إلي الله.. ركب ووجهه إلي الحائط ..

- انت نازل فين؟

- الدور التاسع.. بعد دقيقة نزل .. دق الجرس.. نظرة من فتحة المنظار السحرية .. اتفضل .. حاول أن يجلس.. قالت له أم عمر: الدور القادم فيه شقة رقم 40 جيراننا يريدونك ضروري..

صعد علي قدميه .. دق الجرس. بعد أن تأكد من رقم الشقة .. خرجت سيدة سافرة الوجه .. تضحك عيناها ويرقص ثغرها .. عرفتَ أننا نريدك وكنتَ ترفض الأسانسير؟..

نظر إليها.. شابة في العشرينات ممتلئة قوية البنيان .. في صوتها نغمة حنون .. تأكد أنها تريد أن يقوم الأستاذ بمراجعة بعض الدروس لابنتها خاصة والامتحان علي الأبواب .. جلس يجمع ويطرح ويقسم دونما جواب.

أقبلت الفتاة ووجهها ليس فيه رائحة ابتسامة أو كلمة أو نظرة معبرة.. قارن بينها وبين أمها .. وجد الأم أجمل .. لأنها تزوجت مبكراً وانجبت أول بختها .. دخل الزوج .. نظر إليه .. وجد ابنته شكله .. عيناها تنحرفان قليلا .. الشعر ناعم .. البشرة سمراء .. علم أنه في وظيفة مرموقة .. بدأ يشرح والأم تعد المشروب .. أقبلت .. طلبت أن تستمع إلي كلامه .. عرف أنها تذاكر أيضاً لتحصل علي شهادة أخرى .. طلباتك يا أستاذ ، صمت وفتح الكتاب.. مر شهران وهو يقارن بين الأم وابنتها .. عرف أن أصلها أندونيسية تجنست وتزوجت .. تريد أن تشاهد القاهرة وتنزل لكنها لا تعلم شيئاً

إليك عنوانى .. لا تحملي هماً .. ريفنا جميل .. ماؤنا زلال.. هواؤنا عليل

تمنى أن يلتقيها قريباً.. نظرت إليه آسفة .. عندنا موسم الحج وسألتقي أقاربي .. ترك رقم الهاتف .. لو كان في العمر بقية فسوف نتزاور قريباً ..

دق المحمول دقات .. قرأ الرسالة .. إلي اللقاء.