سنة الهنا

سنة الهنا

مجموعة قصصية

بقلم

عبدالرحمن البجاوي

عضو اتحاد كتاب مصر

..........................

الطبعة الأولى

2012م

..........................

الإهــــــداء

الإهــــــداء

إلى أحفادي ورفاقي وقصاصي منتدى الإبداع بشبين الكوم وأهلي في القرية،وأدباء ثورة يناير في الذكرى الأولى ، تحية إكبار وتقدير

عبد الرحمن البجاوي

يناير 2012م

قبل القراءة

قبل القراءة

لم يكن يدور بخَلَد الكاتب أن يفتح الله عليه بهذا الفيض المنهمر بشذا الحب والإيمان ومواكبة الواقع للإنسان في بحار الحياة المتدفقة ينابيعها الثرّة التي لا تغيض!!

ورغم أنه لا ينسى طفولته وما شاهد وقرأ من عجائب وصوَر قريبة من النفس مرسومة بألوانها على شغاف قلبه إلا أنه تسلّم من المدرسة الابتدائية قبيل ثورة يوليو 1952م كتابا عنوانه (قصص المدرسة)وسعد بقراءته أكثر من مرة ،و أنه حفظ قصصا كاملة في كتاب الله مثل قصص الأنبياء والأمم البائدة ،وما جاء في سورة واحدة كقصة سيدنا يوسف_عليه السلام_التي قال الحق فيها:"نحن نقصُّ عليكَ أحسنَ القصصِ بما أوحينا إليك"آية 3 وما جاء في أكثر من سورة كقصة أنبياء الله : آدم وإبراهيم ونوح ولوط وموسى وعيسى وصالح _عليهم السلام_ وكأن كلَّ هذا جاء تحدّيا وإعجازا؛فهل يستطيع أحدٌ أن يكتب كهذا في رواية أو قصة متوسطة أو قصيرة ؟؟

كما قرأ الكاتب في كتاب الله قصصا قصيرة في آية واحدة كقصة العُزَير وقصة النمرود مع إبراهيم خليل الله في سورة البقرة آية 259- 258 كما قرأ قصة الخضر وما جاء حولها في كتب التفسير وخاصة تفسير الشيخ (محمد متولي الشعراوي) 1911-1998 م وقصص القرآن وقصص العرب في كتب تراثية وحديثة ،وقد قرأ في شبابه ما علق بذهنه من روايات نجيب محفوظ(1911-2006)م وتوفيق الحكيم(1898-1987)وطه حسين(1889-1973)ومصطفى لطفي المنفلوطي(1876-1924)ومحمد عبد الحليم عبد الله(1913-1970)وعلي أحمد باكثير(1910-1969) ومحمد فريد أبو حديد(1893-1967)ومحمود تيمور(1894-1973)وعيسى وشحاته عبيد وثروت أباظة وقدم دراسته عن( القرية المصرية في أدب الشرقاوي )التي نالت الجائزة الأولى من المجلس الأعلى للثقافة1988م وطبعها على نفقته 2007م ،كما كتب عن الشرقاوي شاعرا قصصيا مسرحيا كتابه المطبوع 2010 م ،وقرأ روايات تاريخ الإسلام ل(جورجي زيدان 1861-1914) ولا يزال في مكتبته الكثير من كل هذا العطاء ،فضلا عن قراءته في نقد الرواية والقصة ل(يحيى حقي 1905-1991)وتدريسه في المرحلة الثانوية والجامعية لكثير من الطلاب ،وكم استهواه د/يوسف إدريس(1927-1991)الذي قرأ له قصصا قصيرة جدا مثل :العصفور والسلك،والمرتبة المقعّرة،ونظرة،وكل منها في نصف صفحة ،وسعد بروايات مختلفة لأجيال الستينيّات وما بعدها من أبناء مصر والعروبة والقصص المترجَم ،وقد علق بذهنه الكثير من الأسماء والمواقف التي حُفرت في ذاكرته فضلا عما شاهد في عالم السينما في عصورها الزاهرة مع أصحابه توأم الطفولة الذين كانوا يتناقشون وهم عائدون ليلا فوق الدرّاجات،إضافةً إلى ما قرأ في عالم النقد للدكتور محمد مندور(1907-1965)ود/محمد غنيمي هلال (1916-1968)ود/أحمد هيكل(1922-2006)ورجاء النقّاش(1935-2008) وغيرهم من رفاق دار العلوم_حرسها الله_الذين اشتغلوا بالنقد مثل د/ الطاهر مكي وصلاح فضل ،ويوسف نوفل،وعبد الفتّاح عثمان ،بارك الله في عطائهم جميعا !!

وقد ألحّ عليه الإلهام في كتابة هذه الأوراق التي تسميها كما تشاء بعد ما شاهد في قريته من تزييف انتخابات2010م والتي أعقبها ثورة يناير2011م المباركة فكتب بعد ما جاوز السبعين(آخر عَشا) وتلاها ما انهمر بعدها وكأنه انقطع عن عالم الشعر أكثر من نصف عام فلم يكتب شيئا ،حتى كانت وفاة ا.د/عبد الحليم عويس (1943-2011م)فعاد يكتب الشعر في مرثية تزيد على أربعين بيتا ،وكم تمنى أن يكتب الرواية إلا أن الشاعر القديم يقول:ما كل ما يتمنى المرء يدركه !!

وبحسب القاريء أن يقر كتابي (وجه من القرية-سيرة شبه ذاتية )ط2007م ففيه ربط بين الحاضر والماضي،تحية لأبناء قريتي وجيلي ولأحفادي الذين طالبوني كثيرا بالقصة ،فإذا كنت قد وفقت فيفضل الله ،وحسبي أن أسطر في محيط الأدب العربي سطرا!!

عبد الرحمن أحمد البجاوي

عضو اتحاد كتّاب مصر

24 /1/2012م

الشيك مزور

الشيك مزور

استمع إلي الإذاعة المرئية .. قام منتشيا نحو الميدان.. عينه وسط البنك العريق الذي سمي باسم النادي الأهلي .. تحسس جيبه وجد شيكاً دولار ياً لا بأس به .. أوقفته الجماهير يوم الغضب حيث يحتضن طفلاً ملفوفاً بهذه الأوراق التى اندس بينها الشيك.. رفرفت الرايات حوله .. خاف أن تسقط اللفافة .. ممكن أن أصل إلي البنك بأمان .. أخبره الحارس اليقظان .. مغلق لأجل غير مسمى .. كاد يمزق الشيك في يده.. غضب أشياعه قائلين: بكره يفتح.. عشرة أيام سوداء مرت حيث التحم الكبير بالصغير وسلمى بسليم .. صمدوا في العراء متدثرين بالبراءة والمودة في حوار واحد ولغة واعية .. انتهى حظر التجوال .. غداً تفتح جميع البنوك.. صاحبك واقع.. يمنّى نفسه بعروس وشقة ويفتح محلا لقطع الغيار..

اتجه الشيك الموقر بسعادة بالغة إلي البنك الأهلي .. نظر إليه الموظف المسئول .. "آسف يا فندم الشيك مزور".

..........................................

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى رابط

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/03/19/254741.html

فار المركب

فار المركب

انطلقت السفينة تحاصرها أمواج عالية تزداد حمولتها يوما بعد يوم كما تلتهب الأمواج معلنة توقف السفينة في وسط بحر بشَرى لم يعبأ بما حوله وغلبه السخط ورفض التشرذم..

اندفع الفأر من قاع السفينة إلي الأدوار العليا حتى استراح عندما وجد كل المفاتيح في يده .. ينظر إليه الركاب فلا يلتفت .. يحاوره الربان ومن في الكابينه فيدعى أنه يعرف كل شئ

ظل الفأر ينظر من ثقب إبرة حيث تترنح السفينة بقوة ذات اليمين وذات الشمال حتى اصطدمت بصخرة كبيرة كادت تقسمها

تنبه الفأر إلي مفتاح التشغيل فوجد عطباً استدعى الميكانيكى الخاص .. فقال العطل أكبر مما تتصور .. معقول!!

نظر في الأعماق فوجد الماء تحول إلي نيران تذكر أنه مكون من يد2أ ، كيف اشتعل الأكسوجين .. نظر إلي ماكينات الإطفاء وجدها شبه مطفئة .. اتصل بكل الملاحين في السفينة فلم يسمع أحد .. ارتطم المفتاح الأصلي برأسه فقفز إلي جزيرة وسط الأمواج

بعدما أفاق وجد الموج يندفع رويدا .. طارت ورقة من بين الأكوام المحترقة ..

نظر المارة.. مسكين!! راح الفأر.

............................................

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى رابط

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/03/18/254685.html

عين الجمل

عين الجمل

اركب الموجة وإلا تغرق.....

ركب الموجة كما أشاروا عليه لكنه خشي أن يغرق في بحر الآلاف المؤلفة من كل صوب وحدب .. مر علي قافلة صحراوية فاستلب منها جملا كبيراً واعتلاه .. سمع الجمل أصواتاً مختلفة لم يستطع ان يميز صوت حمزاوى منها..

اندفع الجمل في الميدان .. خاض في الدماء .. نسي أنه سفينة الصحراء .. تحول الرمل إلي دم.. أخذ يحدث نفسه..أنه أبرهة الذي اعتلى الفيل ليهد الكعبة!!

اندفعت مجموعة شبابية من وسط المظاهرات .. قيدت الجمل .. ألقت علي عينيه عصابة.. قطعت الرقبة .. سمعوا صوتاً يقول : إني أغرق .. أغرق.. أغرق..

فتشوا ثيابه .. ظهرت بطاقة صفراء .. قرءوها ..

عرفوا أنها بنت الحزب.. مزقها شاب ثائر ..

وجد في طياتها عين الجمل.

...........................................

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى رابط

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/03/18/254665.html

الشكمان

الشكمان

ركب سيارته متجهاً إلي الميدان .. أدار المحرك .. لم يلبث أن يسير قليلا حتى أوقفه شباب يرفعون شعارات التغيير ..

التفتيش تأكد أنه وسط أهله وإخوته.. تحرك قليلا ..

أحس برجة السيارة التى توقفت فجأة ..

عاونه بعض السائرين علي أن يتقدم لأقرب ورشة ..

أخذ الميكانيكي ينظر تحت وفوق ويضع أصابعه هنا وهناك.. يوصل بعض الأسلاك ..

جرب وجرب .. لاحظ الميكانيكي أن السيارة لا تصلح..

ممكن أن أغير الترس المكسور..

مستحيل..

الموتور يكاد يشتعل .. ينفث دخاناً أسود .. يا حفيظ ..

ماذا؟

"الشكمان عايز يتغير".

.............................................

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى رابط

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/03/17/254495.html

المنبر

المنبر

تسلق وسط الجماهير العريضة ..

اندفع حوله شبان وجوههم عابسة..

استمعوا إلي المنبر ساعة بعد ساعة..

الله الله ياشيخ .. كلنا واحد .. قبطي ، مسلم ، كله مصري..

لاحت نظارة سوداء أمامها عبارة قرءوها .. أحنا شباب التغيير..

قولو ورايا: أهلا أهلا يا أبو إشارة .. غرقت وياها العبارة.

تسلل شاب له كاميرا ديجتال ... رصده راصد .. تابعه بعد أيام .. توسطت صورته الصفحة الأولى في الصحف ..

معقول!!

لا.. مش معقول.

تناحر الأخوان قبل الشبان والمنبر يشتعل..

لاحت غمامة دخان ..

تفضل يا شيخ.. نظر حوله لم يجد شيئاً ..

طاح المنبر .. طاح المنبر ..

"قولوا معايا: الله أكبر .. الله أكبر .. ايدنا واحدة .. دمنا واحد"

فوق بقي يا شيخ.

البلد أمان

البلد أمان

جلس في بيته يفكر .. معقول في ليالي الانفلات يروح.. البلد كلها صاحية ولكن راح.

خير يا عبد المولي ..

خير ياعم الحاج

قمت الفجر فلم أجد لا الوتد ولا الحبل ولا الركوبة .. كله راح في الليلة السوداء

وكان أولادى ساهرين في حوارى القرية للحراسة

هنا فيه إيه؟

سرقة ولا ملعوب؟ .. أم ثارت الركوبة وانحلت وانفلت الزمام بعد الثورة المشتعلة نارا؟

ظل يكلم نفسه أكتر من أسبوعين حيث يرقد حيناً ويقف حينا وعلي أصابعه عصابة من مرض السكر الذي فتح جرحاً لم يندمل

تقدم شيخ الحارة يعرض الوقوف مع عبد المولي في هذه المحنة .. لكنه رفض بإباء مع أنه في أشد الحاجة .. صبراً قليلاً .. ربنا وحده يحلها .. قلبي دليلي يا عم الحاج.

أخذ يبحث في الأسواق بالقرى والمدن المحيطة ... كلم الخفراء والمزارعين والفلاحين .. خسارة كبيرة يا عبد المولي .. كلنا معك في حل هذا اللغز الفزورة..

يدق الهاتف .. يجرى أبناؤه ويعودون حائرين لا جواب!!

بكره تفرج..

مرت الأيام وبعد خمسة وثلاثين يوماً جاء تليفون من الخواجة لطفي..

معقول؟؟

كيف جاء؟؟

هل هذا ما تبحثون عنه؟ .. اركبْ وانظر أين يسير؟

وصل الضجيج والصياح ..

مبروك مبروك المال الحلال لازم يرجع لصاحبه ..

وقف عبد المولى علي رجله السليمة منتعشاً ..

البلد أمان يا رجاله.

قلب مفتوح

قلب مفتوح

وجد نفسه بين الأسِرة البيضاء .. تحوطه أجهزة مختلفة .. يتحاور حوله الأطباء .. تهرول الممرضات .. كل يحمل شيئاً لم يكن يفكر فيه.

تساءل مع نفسه : كل هذا من أجلي؟

ماذا أصابنى ؟

أنا متأكد أننى لم أبخل علي أحد بقطرة دم أو ماء أو أمنع ما عندى من خيرات الله

ربما أدى هذا إلي شئ لم يكن في الحسبان.

مرت أيام وليال دون أن يعلم شيئاً.. وكأن أعضاءه توقفت .. والنبض كاد ..

لكن يلوح بصيص ضوء من عينيه حيث تلاقت مع الممرضة "ليلي" التى قالت : أحمد الله .. كانت تتابعه ليلا ونهاراً .. أفاق من غيبوبته .. تبسم لمن حوله في غرفة الإنعاش

سمع كبير الأطباء المتخصصين في الجراحة .. كانت عملية مغامرة

نزرع قلب أم نعمل قلب مفتوح؟

لكن الزرع كان أصعب .. وعاد القلب ينبض..

هنأ من بالمستشفي بعضهم بنجاح العملية مع ابتسامات العام الجديد.

قنابل الطوب

قنابل الطوب

راقب المواطنون سيارة مصفحة تعبر من الميدان متجهة إلي المحكمة الكبرى .. سارع الجميع وراءها وكل منهم يقول: هو لازم شخص مهم..

تجمعوا حول السيارة وتاه الشباب بين الشرطة والجيش .. كله يبحث عن رصيده.

نزل لابساً بيجامة بيضاء .. فقال الحاضرون: نهارك أسود ان شاء الله.

دخل المحكمة وفي قاعة كبيرة اختلف الناس حول هذا الوجه المتغير ، لايمكن أن يكون من في بالك ، ما المانع ؟

فيه تغيير كبير .

نادى رئيس الجلسة باسمه مجرداً مرة ومرة حتى يتأكد أنه هو المطلوب.

تسابق الصحفيون والإعلاميون .. لكن الحاجز الأمنى كان أكبر وأعلى .. فلم يفز أحد بلقطة تاريخية إلا الحارس المكلف الذي أشار على من حوله .. بكرة الصورة تكبر.

سأل شاب صديقه : ماذا يعنى؟

رد عليه : ربك يمهل ولا يهمل .. سيف العدل قاطع .. غرق المتهم في بحر العرق .. كادت تحرقه أنفاس من حوله .. اندفعت أم الشهيد صارخة : فين ابنى؟؟

هاتوا ابنى..

انطلقت المصفحة تشيعها قنابل الطوب.

آخر عشــــــــا

آخر عشــــــــا

انداح صوت الجماهير المندفعة كالسيل من كل جانب منتصف الليل يهتفون ويصيحون : ألف ألف بركة .. لا يحفلون ببرد الشتاء وليله القارس .. ظلت أصداء البهجة تنعكس في الشارع الكبير المؤدى إلي بيت الجمال.

جلس متكئاً علي أريكة ناعمة ملتفاً بعباءة من الصوف الانجليزى

لمع وجهه كتفاحة جاءت تواً من الحديقة ..

تنحنح قائلا باقتضاب: الحمد لله.

اندفع الهتاف وسط أزيز السيارات بأبواقها المتلاحقة والدراجات النارية التى جاوبتها طلقات وصواريخ ملونة مع الرشاشات الباذخة تعلن ابتهاجاً بهذا المهرجان الذي لم تشهد القرية عرساً مثله ولا الدائرة كلها .. كانت تغنى منذ ربع قرن (الجمل قلع النخلة)..

انطلقت الزغاريد وسط أغانى تلقائية " ياما قالوا يا جّمال بكرة الكرسي يزينه رجال،"

تقدمت من خارج العائلة سيدة تحمل صورة كبيرة ملونة وحولها الزهور وتشع منها أنوار الفرح وفاض العرق بغزارة عندما هتف بين الجماهير شاب أجير : "طار الكرسي في الدّوار والجمل تاية محتار".

لكمة تبعتها لكمات فوق الرأس وفي الجبين.. اخرس يا...

بص شوف " جملنا برطع في العلالي.. والجمال دا مقامه عالي"

التفْت المرأة حول الشاب الأجير .. شهقت .. لا حول ولا قوة الا بالله ، معقول يا ولاد الحلال ؟!!

خير يا ام أحمد؟

"الجمل دا طار طار وبخفه دايس ع الفار"...

انفض الثلث الثانى من الليل وقبل أن يشرق الفجر .. انطفأت الأنوار .. تفرقت الحشود .. خفت صوت الطبال قبل الزمار: يا خسارة يا جدعان .. "حد يصدق جمل العيلة اتعشى بفار".

14/12/2010م

الكرسي

الكرسي

دعوة عاجلة جاءت لحضور العرس البهيج لبس أفخر ما عنده .. عند بوابة القصر لمحت عيناه كثيرا من الرتب والمقامات ..

انفتح الباب الخاص .. وخرج عميد الفرح تحوطه حراسة أمامه وخلفه.

عزفت الموسيقي .. دقت الطبول.. بدأ الحفل في مظاهرة تأييد ..

سارع المصورون ومذيعو القنوات الخاصة بالفضاء ينتظرون اللقطة التذكارية للعريس..

تبسم العميد قائلا في نبرات غير واضحة: " عقـ بال عنـ دكم كلـ كم" ألف مليون مبروك

مدت الموائد وتتابعت المشروبات وظل الحفل الغنائي الراقص مع نشوة الجميع حتى الفجر.

قام العمدة مرحبا بالعروس وعريسها وسط هذا الصخب الليلي الآسر في فرحة غامرة .. أجلس العروس كما تقضي البروتوكولات أولا ثم تقدم في بهجة نحوها

نظر حوله .. لم يصدق .. الكرسي يرقص .. طار .. ألف مبروك يا عريس .. سمع الأصوات ترتفع هنا وهناك .. بشرى عظيمة ما شاء الله

"حد شاف الكرسي يطير ".

في الميدان

في الميدان

تجمع شباب الاطباء من جامعات مصر والأقاليم منهم من كان في السنة النهائية ومن كان في الامتياز ومعهم بضعة أساتذة

تعاون الجميع في هدف واحد حيث أقيم معسكر طبي بالميدان لعلاج الحالات الطارئة ونقل الدماء والإصابات الخفيفة .. أما الثقيلة فكانت تحمل إلي المستشفي الشهير عبر سيارات الإسعاف أو من خلال موتوسيكلات الشباب الثائر

مر أسبوعان وثالث .. زاد القلق والأرق .. لا هواتف ترد ولا اتصالات .. تشاغل الآباء والأمهات ولا جواب

تصفحت الأم إحدى الصحف الصباحية .. ارتفعت شهقة .. صرخة مدوية.. تجمعت العمارة .. لا حول ولا قوة إلا بالله

- خير يا حاجة؟

تحشرج صوتها : ابني صورته وسط الميدان.. ربنا يستر.

الجركن

الجركن

عزم علي قضاء أجازة العيد في الصعيد حيث الأهل والأحباب .. ملأ خزان البنزين ، اطمأن علي الزيت والكهربا والفرامل وعداد السرعة والمرايا الخلفية والجانبية .. اعتمدنا علي الله .. اقرءوا الفاتحة..

قطع نصف المسافة في أمان .. والوقود يقل.. توقف في إحدى المحطات : عندكم بنزين 80؟؟

- ولا في الأحلام

- 90 ؟؟

- في المحطة القادمة

همس في أذنه أحد الصبيان : فيه 92 خد احتياطك

ملأ الجركن ودفع مبلغا لا بأس به حيث لا حساب مع أمواج الليل وتسرب قطاع الطريق وجراءة البلطجية في زمن الفلتان..

وضع الاحتياطي في مؤخرة السيارة ، نام الأولاد ما عدا ابنته التى طلق النوم أجفانها فظلت ساهرة تسمع أغاني الثورة الشبابية حتى الفجر وتداعب والدها بذكريات الطفولة التى لا تنسى..

توقفت السيارة .. نزل يمَوّن السيارة مما معه وهو غير مصدق!!

فيه إيه يا بابا؟

تصوري .. "البنزين بقي ماء .. عليه العوض".

سنة الهنا

سنة الهنا

دلف الجد من الشارع الرئيسي إلي بيته الريفي حيث تمتع بمنظر الأشجار والأزهار والثمار وزقزقة العصافير ومداعبة الحمام واليمام وهما يتراقصان أمامه..

وفتح الباب فنظر في الردهة الكبيرة فلم يستطع السير خطوة واحدة .. تطلع الي الغرف المختلفة وأطل علي المطبخ فرأى كل محتويات الغرف مبعثرة علي الأرض

الهاتف .. السماعة .. الحلل والأغطية وأواني الشاي والقهوة حتى الملاعق والشوك والسكاكين ، ويا للعجب حينما وجد فوق هذا كله سلة القمامة بمحتوياتها.

نظر الي المكتب فوجد الأحذية بدون الشرابات ، والكتب والمجلات متناثرة والأقلام التى يأنس بها وترافقه في جلسته

كاد يسقط من الإغماء وانتفخت أوداجه قائلا : ماذا حدث؟

دلوني وأنا أقطع...

اصبر يا حاج

تبسمت الحاجة وحولها أحفادها في سعادة غامرة يشدونها من ثيابها .. فترد بحنان بالغ دون أن تتأثر وقالت في سرور: الأطفال في الدار.. يا سنة الهنا.

...........................................

ـ نُشرت هذه القصة فى موقع دنيا الرأى رابط

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/03/16/254485.html

القبطان

القبطان

أبحرت العبارة من الميناء البحري رويداً رويداً .. زادت من سرعتها.. تباعد الشاطئ والمودعون .. أمست في وسط البحر .. حولها الأمواج تعلو .. وطيور النورس تغازل الركاب وهم يتسامرون وأمامهم التلفاز ينقل صور الزلزال والبراكين في أنحاء المعمورة.

نام الأطفال في أحضان الأمهات ، قبع الرجال في العنابر عدا فئة من الشباب الساهرين يمتعون أنظارهم في هذه الرحلة ويمنون أنفسهم بإجازة سعيدة بين الأهل والخلان .. مرت ساعتان وبعض ساعة .. انتفض الركاب .. صراخ .. غثيان .. ضجيج .. ضربات قوية في قاع العبارة .. تعلو بهم وتهبط .. انقطع الإرسال وأسرع بعضهم إلي القبطان

لمحوا جهازاً أمامه يطلق إشارات و إشارات ..

نحن علي مقربة منكم واطمئنوا ..

ارتفعت صيحات الاستغاثة ، مر الوقت بطيئاً .. نزل النساء والأطفال والعجزة في الزوارق المزمجرة بين عاصفة رعدية حيث اشتعلت النيران في الجزء الخلفي.

اندفع الركاب من كل العنابر .. لم يفكر أحد إلا في نفسه كأننا يوم الحشر

وصل بعضهم إلي المقدمة وانحلت جميع الزوارق المطاطية وأطواق النجاة ..

ترك الجميع كل ما معه.

انفرد القبطان بعد أن داهمته المياه والنيران .. توقفت الماكينة .. أبصر طائرة تعلو وتهبط تعلق بحبل.. أبصره بعض الركاب..

علي فين يا ريس؟ العبارة تغرق .. ألحقونا..

خبت الأصوات وفر سباح ماهر بين الأمواج بزورق .. اختطفته سفينة عابرة .. ظل يبحث عن القبطان .. سمع من بعيد كلمات .. الحبل انقطع..

ربنا معاكم.

فرحة العيد

فرحة العيد

وقف في شارع المستشفى ينظر مشدوهاً من هذه اللحوم الوفير ة التى يتزاحم حولها الناس .. دقق النظر في أختام حمراء وزرقاء وبنفسجية .. قرأ أسعاراً معتدلة.. بمناسبة العيد ، فرصة .. يا بلاش .. أحسن لحم ، أخذ يحسب ما معه فوجد أنه يستطيع شراء خمسة كيلو جرامات لأن العيد بعد غد والفرحة تعم العمارة كلها نظر إلي الجزار..وحياتك جزء من السن من الموزة بلاش دهون وضع الكيس في مؤخرة السيارة سعيدا حتى وصل فاستقبله الأولاد بحفاوة واحترام..

مر العيد بسلام وفي آخر يوم بدأ الأولاد يشتكون من قئ وسخونة وهلوسة..

دخل بهم المستشفى حيث قام أطباء الاستقبال بما عليهم ..

تهامس أحدهم: يظهر الأكل مسموم!!

خرج ينظر الي محل الجزارة الشهير غير مصدق!!

سأل مندهشاً من الشمع الأحمر فوق المحل المحترم ..

أجابه المارة في فكاهة لاذعة : يا خسارة يا جدعان .. الكفتة والكباب طلعت ولا مؤاخذة...

بلطية

بلطية

عاد من اجتماعه مع الرؤساء في المدينة .. اتجه الي قريته قبيل المغرب حمداً لله أن وجد المعدية التى تقله الي الجانب الآخر ..

تناول مرافقه الدفة وجلس يجدف في البحر الأعمى الشهير في محافظته قائلا: هل جهزت لنا العشاء يا عبد الرازق؟؟

لم نحضر شيئا ذا بال من المدينة.. وما العمل..

نأكل أي حاجة خفيفة والصباح رباح يا بيه!!

توسط القارب في البحر .. يجلس المدير مفكراً في هذا العامل الذي لم يدبر له شيئاً بعد هذا الاجتماع الذي شغله طوال اليوم ..

هل أجازيه؟ أم أرضخ لإهماله .. أم نقضي الليلة برغيف وبيضة؟

تكاثرت الأفكار والهموم ولمح بلطية قفزت أمامه كلمح البصر

تهلل وجهه وقال : نزلت المعدية سبحان الله .. امسك يا عبد الرازق بها ..

صاح في نشوة: ربنا كريم ..

نظر العامل الي المدير ومعه البلطية باسماً : العشا جاء عندنا !!

ربنا لطف بك .. لقد كان حسابك كالعادة الحمد لله.

لعبة الصورة

لعبة الصورة

تعرف علي عنوان الطلبة الذين درس لهم في إحدى الدول العربية .. الشارع تذكر أنه كان يأتى بابنه البكر للعلاج لأن عنده ضيقاً في صمام القلب .. وبدون عملية أوصى الطبيب باللعب وعندما يكبر يكون معافى إن شاء الله ..

يصعد الأدوار التسعة ويقرأ الرقم ويدخل إلي الشقة حيث تقابله مديرتها بابتسامة عريضة .. كل الطلبة هنا.. جلس في الردهة وهو ينظر إلي الحوائط والسقف والكراسي والمفرش .. وصلت خبيرة في التجميل .. جلست باستعراض أنثوي مثير

تذكر ما قالته أمه الأمية في طفولته وأنها حذرته من الوقوع في الخطأ وفكر في أنه غسل نفسه مرتين حينما وقف علي عرفات .. وظهرت صورة أولاده وزوجته تحوطه من كل جانب.

مارست الخبيرة كل صنوف الإغواء.. لا تفكر إلا في إرضائه والدخول في تجربة . جاءت رفيقة أخرى تلبس ما يسترها بخلاف الخبيرة التى كشفت ما لا يكشف..

رفض كل العروض المغرية .. وضع الطعام والشراب .. رفض إلا أكل لقيمات من الفطير الذي أخذه للطلبة .. سأل عن حقائبه .. قالوا: وصلت هنا في أمان

رغم أن الجو بارد والنهار قصير والإضاءة خافتة.. آثر أن يخرج ليعود إلي مهوى فؤاده في القرية.. أراد أن يمر علي w.c وهو حذر من الدخول في هذه المباءة..

عندما خرج وجدها تلتف حوله كالأفعى .. لا تريد فكاكا ، وأحد الطلبة يلتقط خلسة صورة..

ما هذا؟؟ فارت العروق ... تفوه بألفاظ غليظة

مرت دقيقتان كأنهما الدهر.. معقول !! إنها لعبة كبيرة .. يعملها الصغار ويقع فيها غيرهم.. " نحن نهرج يا أستاذ.".

نظر إليه صاحب الكاميرا في تعجب: الأستاذ محّجب .. تصور!! ماذا حدث؟

الصورة ظهرت بيضاء

قال في صمت عميق: الحمد لله .. وحمل حقائبه وغادر العمارة اللعينة ذات الشقة الموبوءة .. لم يكن يتصور مثل هذا من الطلبة .. كتم هذا حتى باح به بعد أربعين سنة حيث يكتب سطوره في دوامة مثيرة مملوءة بالشات وحكايات نصف الليل!!.

أبو نائب

أبو نائب

تهامست القرية في تعجب : ابن العمدة خلف ما شاء الله.. فجأة يا ناس

ارتفع صوت شيخ الخفراء .. فيه أي شئ يا بلد؟ ربنا قادر ورازق وكريم

لم يكن يتصور أنه بعد عشرين عاماً سوف ينجب .. عرض عليه والده أن يتزوج .. لكنه تعثر في الإجابة .. عرضت عليه زوجته..وأنا موافقة ولن أستغنى عن ترابك بعد هذه العِشرة الطويلة.

مر أسبوعان وثالث وجد عروسه تورد خداهاوابتسمت شفتاها ولاح في عينيها وميض العشق .. كل يوم تزداد تألقاً .. فاتحتْها الأولى ما شاء الله ربنا يكمل لك وتجيبي المحروس وأنا أحمله واعمل له زفة

سعد بانضمامه إلي الحزب المتألق ثم تحقق فوزه في انتخابات مجلس الشعب .. جهز نفسه لاستلام كرسي الدائرة أول السنة البرلمانية الجديدة.

ارتفعت صيحات وآهات كل البيت مشغول والخفراء يتساءلون

انطلقت سيارة الإسعاف الي المدينة

ساعتان وجاء الفرج

مبروك يا عمدة .. عادت سيارة الإسعاف تحمل العمدة الكبير الذي جاءته سكتة .. بينما تصيح القرية : المولود سوف نسميه باسم جديد ..

احتاروا

قالت الأولي : النائب

تفرق المعزون بعد الجنازة.. نظر ابن العمدة لمن حوله: غيروا الاسم.

الأتوبيس

الأتوبيس

حلم راود كل من يريد أن يجلس علي الكرسي .. حيث اتفقوا علي أن يشتروا سيارة فاخرة تجوب القرى والمدن .. لم تتسع السيارة لكل الأعضاء.. تغيرت إلي أتوبيس طائر لا يركبه العامة .. بل يستطيع أن ينقل الركاب المشاهير الي أماكنهم في الشرق أو في الغرب ، في الشمال أو في الجنوب للمشاركة الجماهيرية.

جلس عبد العال والحاج فراج والدكتورة ألفت يتحدثون في البهو الفخم .. وجدوا عروضاً مغرية لركوب هذا الأتوبيس.. لكن عبد العال تراجع قائلاً : لا يمكن أن أبيع نفسي بركوب هذا الطائر .. زادت العروض وانضم الجميع إلي هذا المركب عدا قلة قليلة وزنت أمورها ورفضت حتى لا تضيع سمعتها في المعرض..

مر شهران وبعض شهر .. هنأ أعضاء المؤسسة .. بعضهم سعد بهم المدير العام.. اتفقوا علي قضاء يومين علي شاطئ البحر حتى ينسى كل منهم همومه وينعم بأحلام سعيدة ..

ركبوا جميعا هذا الطائر

اصطدم بأعمدة الميدان .. انطفأت الأنوار .. ضاع حلم الأتوبيس..

عاد عبد العال وحيدا يقول الشكر لله.

الأَصْل

الأَصْل

أخذ يتجول سعيدا برخصة السائق التى استلبها ووضع صورته بدلا من الصورة الأصلية لصاحبها ... تنقل من محافظة لأخرى .. وبين حين وآخر يُطلب السائق الأصلي لدفع غرامات لم يرتكبها!!

أخذ يبلع ريقه حتى جف تماما .. نظر إلي أولاده متحسراً .. طالبته زوجته بأن يجهز ملابس العيد لها ولأولاده فضلا عن المصاريف..

ظل ساهما لا يجد حلا لهذا اللغز الذي يصبح فيه ويمسى.

تنقل السائق الزائف من القاهرة الي الإسكندرية .. قُبض عليه لمخالفة مرورية حيث موسم الصيف والزحام ونزول المصطافين من كل بلد ليتمتعوا بروعة البحر ومشاهدة المتحف الروماني ومكتبة الإسكندرية والميناء والمنتزه والمنشآت الجديدة علي الكورنيش ..

فوجئ السائق الأصلي بالقبض عليه وترحيله إلي قسم العطارين ..

ماذا يفعل؟؟ اتصل بصديق طفولته الذي يعمل في بنك الإسكندرية .. فأسرع إليه حاملاً بعض الطعام والملابس والأدوية ..

نادى عليه في الحجز بالاسم كاملاً : عبد الله عبد السلام أبو الرجال..

رد عليه السائق المستعار فخرج ليقابله

نظر متعجباً وفي دهشة:أنت عبد الله؟

قال نعم ، يخلق من الاسم أربعين..

بل يخلق من الشبه يا مزورخمسين!!

دخل الصديق إلي مأمور القسم أفهمه الحقيقة .. رحب بالشهود

أُطلق سراح السائق الأصلي .. خرج سعيداً يردد : يمهل ولا يهمل.

أمير الزمان

أمير الزمان

تقدم الي أمير الزمان الأدباء والفنانون يهنئون بعيد جلوسه

أعلن عن جائزة ثمينة لمن يكتب قصة لا آخر لها وكل من تقدم بقصة لها نهاية سوف يضرب عنقه

تقدم أحد عشاق القصة إلي الأمير بقصته .. حذره الحرس أنه سوف يضرب عنقه متى دخل .. تحدى الحرس وقبل المغامرة وواجه الامير..

أخذ يسرد قصة جرن مملوء بالقمح حوله الفلاحون والفلاحات يفكرون في نقله دفعة واحدة .. لكن الحيلة أعجزتهم..

نظر واحد إلي عصفور جرئ تحدى الفلاحين أن ينقل الجرن كله.. فتح فتحة صغيرة في الكوم الكبير .. صار يدخل منها ويخرج معه حبة واحدة .. ثم كرر هذا الحدث ..

مل الأمير من هذا السرد الممل .. أمسك بالسيف يريد أن ينفذه في رقبة القاص الجرئ ..

نظر إلي الأمير في انبهار : مولاي ما ذنبي والقمح كثير والعصفور لا يلتقط إلا حبة واحدة .. ابتسم الأمير وقال: خذ الجائزة ولا تخبر أحداً ودعنى أنااااااااااااام.

الحقونى... تاه صوته في الظلام وبح صوته وخرجت العقارب من جحورها ترقص في انبهار.

رقصة العقارب

رقصة العقارب

اندست العقارب بين الرعية .. هذا يريد علاوة وهذا يريد عملا .. وتلك تريد عريساً وذاك يريد سلاحا وهناك من فكر في سيارة.. أو طائرة أو باخرة.

تجمع الجميع واقترحو أن يقوموا بمغامرة سد الطريق الرئيسي لتلبية المطالب.

تقدم كبير العقارب ناصحاً :" أطفئوا الأنوار ... أغلقوا المياه .. جففوا المازوت والبنزين.. اعملوا سدودا في كل طريق حتى يعتدل الحال.. ولكم منى ما تطلبون بشرط أن تقدموا الحلول "..

التفت عقرب صغير قائلا: وكيف نأكل ونشرب وننام وذئاب الليل وكلاب الغجر في كل مكان؟

تقدم عقرب ثان وثالث .. أحاطوا بكبير العقارب

معقول يا كبير تضمن لنا العيش مع من حولنا.. تنحنح في سخرية: إننى أعيش وعندى كل ما يقيم المعيشة..الماء الهواء الشمس..

اتفق الصغار علي أن يقتحموا طريقه أولا.. لسعة و لسعة و لسعة ..

الحقونى... تاه صوته في الظلام وبح صوته وخرجت العقارب من جحورها ترقص في انبهار.

سلام خصوصي

سلام خصوصي

تجمع الطلبة من الثانوية العامة للمراجعة النهائية في أول مادة يحسبون لها أي حساب وحضروا طواعية إلي معلم اللغة العربية الشهير بالقرية حيث يقدم هذا العمل تطوعا للأبناء منذ أكثر من عشرين عاماً

فتح الطلاب والطالبات كتب المراجعة .. قاموا بحل النموذج الأول شفويا ثم كتبوه أمام المعلم تحريرياً ثم قام بتصويبه ووضع خطوطاً حمراء وطلب من كل طالب وطالبة أن يصّوب بنفسه الأخطاء.

تزايد الطلاب من القرية وأجوارها وكان فيهم ثلاثة من الأقباط الذين اهتموا باللغة وبحل النماذج وحاول المعلم أن يتعرف عليهم فصمت طالب ناداه زملاؤه باسم أمير وبعد أن انتهى الجميع من دروس المراجعة جلس أمير ليقول باعتزاز سوف أقول لك أمي لأنك تعرفها أكثر من أبي..

اشتاق المعلم للإجابة ولكن أمير ضحك وقال:" بكره أقول لك.. اوعى تصدق".

ظلت دروس المراجعة ثلاثة أسابيع متواصلة ماعدا الجمعة .. أحس الطلاب والطالبات بثقة كبيرة في حل الامتحان وما فيه من بلاغة ونحو ونصوص وأدب وتعبير وقراءة ، وقلتِ الأخطاء التى وقعوا فيها أول أيام المراجعة وقبل أن ينتهى آخر يوم ، تقدم أمير باسماً إلي المعلم قائلا باعتزاز أمام زملائه : أمى أميرة رمزى ..أرسلتنى وأنت معلمها قبلي .. ضحك المعلم من قلبه قائلا: أنت ابنها؟

ماشاء الله .. يعنى تزوجت وأنجبت وجئت بوصية منها..

أيام تمر وأعوام .. عموماً سلم لي سلام خصوصي .. وأي طلب مجاب لك يا أستاذ أمير.