أمّ أدارة

أمّ أدارة

يتجمع أهل القرى المجاورة كل ثلاثاء في القرية الأم التى تحتضن الفلاحين والتجار من أصحاب الأقمشة والملابس الجاهزة ومطالب الحريم .. وهناك الحبوب التى تنتجها المنطقة من الفول والقمح والشعير والذرة .. ولها مكان خاص ، والفواكه المختلفةلها مكان يتجمع فيه التجار والبائعون الذين يفترشون الأرض وهم في سعادة غامرة بحركة البيع والشراء التى تبدأ منذ الصباح الباكر وتقل تدريجيا مع ارتفاع الشمس في كبد السماء .. وبعد أذان الظهر يستقل البائعون عربات الكارّو أو الركوبة التى وصلوا بها أو يحملون ما تبقّى علي ظهورهم وقد فرح كلٌّ برزقه وتناول الفطور والشاي من المقهى المتنقل مع السوق .

بعد أن يفترش الباعة ويصّفون ما معهم بصورة تجذب المشترين .. تأتي"أم أدارة " وهي سيدة سليطة اللسان .. عودها فارع .. تلبس السواد وعلي ساعديها الأساور والغوايش وفي عينيها إصرار .. يعمل كل الباعة له ألف حساب .. وراءها تسير رفيقتها ومعها قفة كبيرة من خوص النخيل وتضع يديها وتملؤهما من كل ما يصادفها وتضع كل هذا مع رفيقتها دون أن يتفوه أحد بكلمة .. دلف صبي خلف أمه ومعها كيلة من القمح وأخرى من الذرة .. يشاهد هذه السطوة التى لا يواجهها أحد .. لم تتحدث أمه .. الويل لها لو قالت كلمة .. تعجب الصبي سائلاً أمه في تضرع.. همست في أذنه .. بعد انصراف المرأتين بما لذ وطاب من السوق دون أن يدفعا شيئاً ..

"اعمل معروف يا بنى .. هذه أم أدارة والعادة عندها وعندنا ألا نتكلم" .. تأخذ الفِردة وإلا نُطرد من هذا السوق .. تلفّع الصبي بالصمت وقال : نفسي أزيح أم أدارة .. بكرة الزمن يدوسها.