الدنيا تغيرت

الدنيا تغيرت

تطوع في الجيش بعدما حصل علي الإعدادية .. خرج بمعاش مناسب عملا بالفقرة واو من قانون المعاشات العسكرية أطلق لحيته .. قصر ثوبه .. يضع في جيبه السواك دائماً .. يتقدم الصفوف ويقف في القبلة .. يختلف الناس حوله.. الشباب مؤيدون والكبار يرفضون .. اهتم بسرادقات العزاء .. لابد من كلمة الشيخ المتولي .. سمى أولاده أسماء مثل عدنان .. غسان .. هاشم.. حاتم ، والبنات منها جوهرة .. سمية .. رتاج.. رملة .. أصبح لا يخلو منه مأتم ، يجمع الشباب علي المقبرة ويقف متحدثاً ربع ساعة .. لا يبتسم .. ينظر في الأرض .. يضع علي رأسه شالاً أبيض أو مزركشاً بحمرة أو سمرة .. وتقدم لرواده بمشروع رعاية العوانس والأرامل واليتيمات وذوى الحاجات الخاصة .. رحب الشباب .. انطلق كل منهم يعرض مشاريعه التجارية .. تزوج مثنى وثلاث ورباع .. يخرج العمرة بواحدة ويعود بأخرى.. أصبح اسمه الحاج .. قبض عليه أكثر من مرة.. عمل معاوناً للأمن ومرشداً علي مريديه .. طلق واحدة .. ثم واحدة .. استبدلهما بفتاتين .. ماتت الأولى في حياته.. خرج علي الناس معلنا لا عزاء.. كلٌّ في بيته .. إن شاء الله نتقابل علي الصناديق .. المعركة الانتخابية قادمة .. من لا ينتخبنا آثم.. خارج الجماعة .. كفانا تشريداً أكثر من ربع قرن وراء الجدران المظلمة .. نحن قادمون .. قادمون

استيقظ المتولي من حلمه وجد الأرض تميد تحته .. انفض السامر .. لم يصدق عينيه عندما وجد أبناءه يتاجرون في المخدرات والممنوعات.. طلقت بناته الأربع .. أخذ يراجع مشاريعه .. سمع عجوزا تقول : ربك لا ينام .. الدنيا اتغيرت .. فوق يا شيخ .. بص لأولادك.

spaL � n = �� pp� le='font-size:22.0pt; line-height:150%;font-family:Arial;mso-bidi-language:AR-EG'>ومن أين له بهذا المبلغ الذي لا يستطيع مثله في أساتذة الكلية توفيره..

دخل عليه زميلان ومعهما حقيبة كبيرة بها أكثر من ثلثي المبلغ وقالوا : هذه تكفي للعملية وسوف ندبر الباقي ولا تحمل هماً

توكل علي الله .. سافر بعد عمل فحوصات لمدة شهر ..

أجريت له عملية زرع كبد وظل بعدها ثلاثة شهور يواصل العلاج حتى وجد نفسه قد شفي.. عاد يركب سيارته .. يحاضر أبناءه في كليته قائلا لنفسه : لو أخبرني أحد بهذا العلاج ربما لا أصدق.

عاد بذاكرته إلي أيام مكة وماء زمزم ، تأكد أن ما حدث إنما هو فيض الكريم .. اتجه إلي القبلة في خشوع مرددا الحمد لله.