آخر عشــــــــا

آخر عشــــــــا

انداح صوت الجماهير المندفعة كالسيل من كل جانب منتصف الليل يهتفون ويصيحون : ألف ألف بركة .. لا يحفلون ببرد الشتاء وليله القارس .. ظلت أصداء البهجة تنعكس في الشارع الكبير المؤدى إلي بيت الجمال.

جلس متكئاً علي أريكة ناعمة ملتفاً بعباءة من الصوف الانجليزى

لمع وجهه كتفاحة جاءت تواً من الحديقة ..

تنحنح قائلا باقتضاب: الحمد لله.

اندفع الهتاف وسط أزيز السيارات بأبواقها المتلاحقة والدراجات النارية التى جاوبتها طلقات وصواريخ ملونة مع الرشاشات الباذخة تعلن ابتهاجاً بهذا المهرجان الذي لم تشهد القرية عرساً مثله ولا الدائرة كلها .. كانت تغنى منذ ربع قرن (الجمل قلع النخلة)..

انطلقت الزغاريد وسط أغانى تلقائية " ياما قالوا يا جّمال بكرة الكرسي يزينه رجال،"

تقدمت من خارج العائلة سيدة تحمل صورة كبيرة ملونة وحولها الزهور وتشع منها أنوار الفرح وفاض العرق بغزارة عندما هتف بين الجماهير شاب أجير : "طار الكرسي في الدّوار والجمل تاية محتار".

لكمة تبعتها لكمات فوق الرأس وفي الجبين.. اخرس يا...

بص شوف " جملنا برطع في العلالي.. والجمال دا مقامه عالي"

التفْت المرأة حول الشاب الأجير .. شهقت .. لا حول ولا قوة الا بالله ، معقول يا ولاد الحلال ؟!!

خير يا ام أحمد؟

"الجمل دا طار طار وبخفه دايس ع الفار"...

انفض الثلث الثانى من الليل وقبل أن يشرق الفجر .. انطفأت الأنوار .. تفرقت الحشود .. خفت صوت الطبال قبل الزمار: يا خسارة يا جدعان .. "حد يصدق جمل العيلة اتعشى بفار".

14/12/2010م