في قطار النوم

في قطار النوم

تلاقي مع جليسه في غرفة نوم بالقطار العائد من أسوان ذات مساء صيفي حار .. تعارفا .. قصا جوانب من حياتهما ..

قال أحدهما: اشتركت في مسابقة ثقافية .. كانت جائزتها العمرة.. علي نفقة وزارة الشباب .. ظلت الأوراق تنتقل حتى وصلت الي المدير العام الذي قال بصريح العبارة : أتحمل عذاب جهنم ولا أمضي علي ورق العمرة ، جاءه من يعرفه علي المقهى أمام نُزُل الشباب .. ضحك .. أخبره أن عنده مفاجأة .. تريث قائلا : العمرة.. رد صاحب الجائزة : هذا حلم مر عليه شهور ولم يتحقق.

طلب منه أن يحضر غدا إلي مكتبه أنهى الأوراق .. ذهب لاستخراج جواز السفر ، سلمه لأحد الزملاء النازلين إلي القاهرة.. اتصل به .. وصل الجواز وأخذت التأشيرة .. جهز نفسك..

قام الزملاء بجمع مال يكفي مصاريف الرحلة وطلب كل منهم طلباً : حلة بايركس.. ساعه رادو .. قلم باركر .. نظارة بيرسول .. صوف عباءة إنجليزى.. أعطاه زملاؤه الأقباط مالا ليشتري لهم بعض الحاجيات..

سلمه السكرتير المرتب قبل الشهر بعشرة أيام .. ادعى لنا يا حاج..

تمتع ما بين مكة والمدينة حيث شاهد المشاعر المقدسة وموقعة غزوة أحد والخندق ومسجد القبلتين وصلى في قباء وزار البقيع وعمل أربع عمرات في سعادة بالغة..

أعطاه القائمون علي الرحلة مصروف جيب . لم يهتم الطيران بالوزن الزائد قال السعوديون.. اتفضلوا يا حملة القرآن..

وصل إلي قريته سعيدا يقص أخبار الرحلة ثم عاد إلي أسوان حيث احتاج إليه المدير العام ليساعد ولده في دروسه.. فتح له الباب .. نظر إليه مستفهما..

- أنت بتاع العمرة؟

- نعم ..

- عملت ايه؟

- البركة في أنفاس سيادتك..

تعجب زميله في قطار النوم .. أخبره أن مسماراً أصاب قدمه أثناء الطواف .. ظل يعانى ثلاثة أيام حيث أنه مريض بالسكر . . اهتم زملاؤه الأطباء .. تضخمت قدمه وساقه.. حمله الرفاق الصعايدة إلي زمزم .. شرب وتضلع .. نام نوماً عميقاً ، كرر المحاولة مرة ثانية .. شفي تماماً قال لجليسه: لو أخبرنى أحد غيري بهذا ما صدقت وكأن الله يقول لي : اعرف أن هناك علماً ، وفوق كل ذي علم عليم يا دكتور.