قبل القراءة

قبل القراءة

لم يكن يدور بخَلَد الكاتب أن يفتح الله عليه بهذا الفيض المنهمر بشذا الحب والإيمان ومواكبة الواقع للإنسان في بحار الحياة المتدفقة ينابيعها الثرّة التي لا تغيض!!

ورغم أنه لا ينسى طفولته وما شاهد وقرأ من عجائب وصوَر قريبة من النفس مرسومة بألوانها على شغاف قلبه إلا أنه تسلّم من المدرسة الابتدائية قبيل ثورة يوليو 1952م كتابا عنوانه (قصص المدرسة)وسعد بقراءته أكثر من مرة ،و أنه حفظ قصصا كاملة في كتاب الله مثل قصص الأنبياء والأمم البائدة ،وما جاء في سورة واحدة كقصة سيدنا يوسف_عليه السلام_التي قال الحق فيها:"نحن نقصُّ عليكَ أحسنَ القصصِ بما أوحينا إليك"آية 3 وما جاء في أكثر من سورة كقصة أنبياء الله : آدم وإبراهيم ونوح ولوط وموسى وعيسى وصالح _عليهم السلام_ وكأن كلَّ هذا جاء تحدّيا وإعجازا؛فهل يستطيع أحدٌ أن يكتب كهذا في رواية أو قصة متوسطة أو قصيرة ؟؟

كما قرأ الكاتب في كتاب الله قصصا قصيرة في آية واحدة كقصة العُزَير وقصة النمرود مع إبراهيم خليل الله في سورة البقرة آية 259- 258 كما قرأ قصة الخضر وما جاء حولها في كتب التفسير وخاصة تفسير الشيخ (محمد متولي الشعراوي) 1911-1998 م وقصص القرآن وقصص العرب في كتب تراثية وحديثة ،وقد قرأ في شبابه ما علق بذهنه من روايات نجيب محفوظ(1911-2006)م وتوفيق الحكيم(1898-1987)وطه حسين(1889-1973)ومصطفى لطفي المنفلوطي(1876-1924)ومحمد عبد الحليم عبد الله(1913-1970)وعلي أحمد باكثير(1910-1969) ومحمد فريد أبو حديد(1893-1967)ومحمود تيمور(1894-1973)وعيسى وشحاته عبيد وثروت أباظة وقدم دراسته عن( القرية المصرية في أدب الشرقاوي )التي نالت الجائزة الأولى من المجلس الأعلى للثقافة1988م وطبعها على نفقته 2007م ،كما كتب عن الشرقاوي شاعرا قصصيا مسرحيا كتابه المطبوع 2010 م ،وقرأ روايات تاريخ الإسلام ل(جورجي زيدان 1861-1914) ولا يزال في مكتبته الكثير من كل هذا العطاء ،فضلا عن قراءته في نقد الرواية والقصة ل(يحيى حقي 1905-1991)وتدريسه في المرحلة الثانوية والجامعية لكثير من الطلاب ،وكم استهواه د/يوسف إدريس(1927-1991)الذي قرأ له قصصا قصيرة جدا مثل :العصفور والسلك،والمرتبة المقعّرة،ونظرة،وكل منها في نصف صفحة ،وسعد بروايات مختلفة لأجيال الستينيّات وما بعدها من أبناء مصر والعروبة والقصص المترجَم ،وقد علق بذهنه الكثير من الأسماء والمواقف التي حُفرت في ذاكرته فضلا عما شاهد في عالم السينما في عصورها الزاهرة مع أصحابه توأم الطفولة الذين كانوا يتناقشون وهم عائدون ليلا فوق الدرّاجات،إضافةً إلى ما قرأ في عالم النقد للدكتور محمد مندور(1907-1965)ود/محمد غنيمي هلال (1916-1968)ود/أحمد هيكل(1922-2006)ورجاء النقّاش(1935-2008) وغيرهم من رفاق دار العلوم_حرسها الله_الذين اشتغلوا بالنقد مثل د/ الطاهر مكي وصلاح فضل ،ويوسف نوفل،وعبد الفتّاح عثمان ،بارك الله في عطائهم جميعا !!

وقد ألحّ عليه الإلهام في كتابة هذه الأوراق التي تسميها كما تشاء بعد ما شاهد في قريته من تزييف انتخابات2010م والتي أعقبها ثورة يناير2011م المباركة فكتب بعد ما جاوز السبعين(آخر عَشا) وتلاها ما انهمر بعدها وكأنه انقطع عن عالم الشعر أكثر من نصف عام فلم يكتب شيئا ،حتى كانت وفاة ا.د/عبد الحليم عويس (1943-2011م)فعاد يكتب الشعر في مرثية تزيد على أربعين بيتا ،وكم تمنى أن يكتب الرواية إلا أن الشاعر القديم يقول:ما كل ما يتمنى المرء يدركه !!

وبحسب القاريء أن يقر كتابي (وجه من القرية-سيرة شبه ذاتية )ط2007م ففيه ربط بين الحاضر والماضي،تحية لأبناء قريتي وجيلي ولأحفادي الذين طالبوني كثيرا بالقصة ،فإذا كنت قد وفقت فيفضل الله ،وحسبي أن أسطر في محيط الأدب العربي سطرا!!

عبد الرحمن أحمد البجاوي

عضو اتحاد كتّاب مصر

24 /1/2012م