ابن العشرين

ابن العشرين

فجأة قام كل الجالسين في الشارع .. رفعوا إبهام اليد اليمنى.. مر صندوق يحمله أربعة شبان مغطى برداء أخضر .. تكاد أقدام السائرين تضرب بعضها .. الكل يهرول .. بينما ينظر النساء من البلكونات المتراصة وعلا وجوهَهم الأسى ..

نظر أحد السكان الذين لا يستطيعون الحركة .. تألم قليلا .. لشد ما وجد كل السائرين يضعون الهواتف المحمولة علي طبلة الأذن .. كأنهم لا يريدون أن يسمع أحد ما يقال.. تعجب العجوز وهو يتذكر أيام كان المشيعون يسيرون ناظرين إلي الأرض يرتلون كلمات.. يستحضرون النهايات .." ربنا ريحه .. كان ابن حلال .. عمرها ما غلطت .. يا خسارة يادنيا .. الدايم هو الله ".. أفاق العجوز من سباته ، وجد البلكونات مرصوصة بالهواتف المختلفة .. تعجب كثيراً ، ماذا هناك ؟ لاصوت ولا صورة الإرسال انقطع فجأة .. لم يستطع أن يتم أحد محاورته .. عبروا جميعا نحو كوبري المقابر .. لاذوا بالصمت .. أطل الشهيد من الصندوق رافعاً رأسه في ثبات .. سُمع صوته من بعيد : أنا الشهيد الحي .. أنا العائد من التحرير.. اندفعت سيدة من زحمة النساء .. هاتوا ضناي .. ابن العشرين .. ربنا موجود .. دمه في كل مكان مكتوب بحروف من نور.